"نص" المجتمع بـ"نص" عقل!

في الواقع ليس نصف المجتمع، بل أكثر من ذلك عددياً. وفي الواقع أيضاً ليس "نصفه" من حيث الدور الاجتماعي، بل أربعة أخماسه!

هكذا هن النساء في مجتمعنا كما في كل المجتمعات. بل أكثر من ذلك في مجمعاتنا التي ما تزال تعتمد كثيراً على "دور الأسرة" في العديد من القضايا المتعلقة بالطفل والتي قامت مجتمعات أخرى بنقلها إلى "المجتمع" بمنظماته ومؤسساته.

المرأة هي أمي، وزوجتي، وأختي، وابنتي، وحبيبتي، وصديقتي، وزميلتي، ومديرتي، ومرؤوستي، ومدرستي، و..

ومع ذلك ما زلت لا أخجل من التفكير بأنها "بنص عقل"! وربما يكون الكثيرون مما يقولون أمام الآخرين غير ذلك، يمارسون في علاقتهم بالنساء أولئك عكس ما يقولون.

هناك قوانين تحتاج إلى تغيير، وهناك ثقافة مجتمعية تحتاج إلى تغيير، لنمضي في الطريق الإنساني بعيداً عن "السيطرة الذكورية" التي لا تختلف، للأسف، عما تفعله باقي الكائنات الحية!

لكن، هناك أيضاً: أنا!

هناك أيضاً معرفتي ووعيي وقراري بأن أكون أنا، الفرد، أقرب إلى إنسان وأبعد إلى ما عداه. أي أن أفعل كل ما يلزم في حياتي الشخصية وعلاقتي الشخصية مع هؤلاء النسوة القريبات مني لأبتعد عن تلك "الذكورية" وأقترب من "الرجولة" التي هي صفة إنسانية تتضمن الكثير من المفاهيم الرائعة، ليس بينها إطلاقاً "سيطرتي" على حياتهن وإجبارهن على فعل ما أراه "أنا" مناسباً!

أنا، أو مبادرتي لأتصرف دون التذرع بما هم عليه الآخرون، أو بما سيقولونه عني، هي أيضاً أحد أهم الأسس في تطور الإنسان عبر التاريخ، وهي أساس الكثير من التقدم الذي حققه الإنسان في علاقاته المجتمعية.

بالطبع، لن يمر تصرفي بغير ما يريده "المجتمع" دون "عقاب". لكن قل لي: ما الذي تفعله أصلاً ولا تتلقى بسببه عقاباً أو توبيخاً أو ثرثرة ونميمة؟

فالعقاب والتوبيخ والنميمة التي تطالك لا تتعلق، في الواقع، بما تفعله أنت. بل، وياللغرابة، بأن الآخرين يتكاسلون عن أن يفعلوا ما يحقق لهم رضاهم عن أنفسهم، فيعوضون ذلك بتناولك ليرضوا أنفسهم المريضة!

وحكاية جحا وأبيه وحماره معروفة وما تزال صحيحة، فمهما فعلت سوف تجد من ينتقدك ويوبخك ويعتبر عملك غبياً أو سيئاً أو..

ربما كان ضميرك هو الأهم. ولكن أيضاً: هؤلاء النسوة اللواتي يشكلن أهم ما فيه حياتك، مهمات! هؤلاء النسوة هن من يجب أن تبحث عن ما يجعلك رجلاً بعيونهن وعقولهن وأرواحهن، لا ما يجعلك "زلمي" في عيون الآخرين الذين لا يهتمون بك، وقت الجد، شروى نقير!


بسام القاضي، صحيفة الأيام السورية، 2018/10/19


شارك المقال مع أصدقاءك..
Top