سلمى ... تجاوزات هائلة للعادات الشرقية ومبادئ الشرف

لم يحتمل الأخ المشبع بفحولته رؤيتها  تجلس بجانب زوجها، فقد عاش كل حياته لم يخطر له أبدا أنه سيرى ذلك المنظر العار. ياللهول!! أخته تجلس أمامه بجانب زوجها!

 وماذا أيضا، أمام ضوء النهار وعيون والده وأخواته غير المتزوجات.
كيف انهارت كل كتب الشرف التي تعلمتها في المدرسة الأولى "العائلة"؟
 كيف تلاشت وصاياهم المئة عن الشرف والحشمة واحترام الوالدين والأخوة الذكور الكبار؟
سلمى التي كانت تمضي الكثير من وقتها تبحث عن معانٍ مفهومةٍ للشرف و جرائم الشرف و جرائم الدفاع عن الشرف، حتى باتت تفاصيل مثل هذه الجرائم وأسبابها ونتائجها وأدواتها حاضرة في دماغها أبدا. فالمرأة المقتولة، لا بد أنها شوهدت مع حبيبها تمشي في شارع مزدحم، مليء بنظرات فضولية، تستكشف دقات القلب إن كانت ضمن الحد الطبيعي أم أنها تجاوزت حد الخطر. أو أنها سمحت لأصابعها أن تمسك بخوف وحذر أصابع من تمنت دوما أن تضمه، ويتوقف مؤقت الساعات لحظة واحدة ليخلد تلك النشوة البريئة. وربما يكون الزمن قد نسيها عند أبواب الماضي دون أن يلتفت لرغباتها المخفية والتقطت الكاميرات الخفية ابتساماتها المعلنة لأحد ما.
كل ذلك كان يمكن أن يقنع سلمى  بأنه خروج واضح وتمرد على العادات الشرقية التي لا يجب أن تمس في الصميم، "فهي فقط ما بقيت لنا من أجدادنا ويجب علينا أن نكرس كل ما في عقولنا للمحافظة على بقائها"، هذه كلمات العائلة المقدسة ! وهل لها أن تنساها؟
لكن لم تكن لتجد زاوية فارغة في عقلها تضيف فيها أن جلوسها على كرسي منفرد لوحدها بقرب كرسي زوجها هو أيضا خرق للمبادئ التي تربت عليها.
إن سلمى لا تحلم أو يتراءَ لها ذلك، هي حقا كانت بطلة هذا المشهد، ربما كان تاريخ وجود ذلك في العقل البشري خمسين أو سبعين أو مئة عام قبل الوجود، لكنه وجد في ذلك العقل المنفرد الفحل، عقل الأخ الحامي حمى أخته منذ بضعة أشهر فقط.
يقول: كان يجب عليك الابتعاد عنه، واختيار مكان آخر!
 إذا أردتم زيارتنا فليجلس كل منكم في مكان. إن ذلك يسمح لأخواتك بالتعرف على أشياء لا يجب أن يعرفوها قبل زواجهم.
ظنت في البداية أنه يمازحها فقط، ولم تأخذ أي من عباراته على محمل الجدية، فضحكت بصوت خافت، وما كانت تعلم أنها بذلك استهزئت به، وكسرت عنفوانه.
وعقله لا يحتمل أبدا أن تضحك منه أخته، ماجعله يطردها من بيت والده.
يقول: عندما تتعلمين الأدب يمكن لك زيارتنا.
زوجها أيضا كان يتابع المشهد، في البداية ظن الأمر ليس اكثر من مسرحية كوميدية عالقة في ذهن الأخ، والأن أراد استرجاعها إلى الحقيقة، فتظهر قدراته التمثيلية، ويخلق جواً مرحاً.
لكن الحقيقة أمامهم الآن، والأخ حقيقي أيضا، وربما لم يكن على حقيقته كما كان الآن.
نعم، اهتزت ذكورته وطعنت في الصميم.
لا تزال سلمى تبحث عن مبررات لأخيها، لا لتسامحه ، إنما لتفهم الحكاية، لتجد أسبابا لها تخرجها من ذهولها.


سهام نصر، زاوية "تفاصيل متناثرة"، (سلمى ... تجاوزات هائلة للعادات الشرقية ومبادئ الشرف)

خاص: مرصد نساء سورية

شارك المقال مع أصدقاءك..
Top