قضايا المرأة
العنف ضد المرأة

في توضيح نشره أمس (2016/6/21) موقع وزارة الداخلية السورية على الانترنت، بخصوص الحوادث التي ضبطها فرع الأمن الجنائي لفتيات مخطوفات، أظهرت أن "معظم الحوادث كانت تتم بالاتفاق مع الفتيات أنفسهن اللواتي ادعى أهليهن بخطفهن، وطالب الخاطفون مبالغ مالية فدية لتحريرهن".



وسرد التوضيح بعض "قصص" مطابقة لما يدعيه، ثم ختم بالقول: "وثبت من خلال التحقيقات بأن معظم حالات أختفاء الفتيات في ضواحي دمشق والتي يدعي أهاليهن بخطفهن هي حالات تكون فيها الفتاة إما غادرت منزل ذويها برغبتها وبالاتفاق مع شخص آخر أو غادرت نتيجة ضغوط مورست عليها من قبل ذويها ،فيتم اختلاق قصة الخطف من قبلها بقصد الحصول على أموال من ذويها لتغطية تكاليف معيشتها.".

لا يستطيع أحد أن ينكر مثل هذه الحوادث. فهي ترتبط مباشرة بانهيار واضح وسريع للقيم أظهرته الحرب السورية عاريا.

إلا أن هناك نقطتين في هذا الأمر:
الاولى: أن الوزارة لم تنشر أرقاما حول عدد البلاغات التي وصلتها خلال مدة زمنية معينة، والمتعلقة بخطف نساء، وبالتالي لم تقل كم نسبة النساء اللواتي ظهر أنهن "مثلن" حكياة خطفهن من أصل النسبة المبلغ عنها في المدة الزمنية المعنية. وهذه أولى بديهيات أي كلام ينتمي إلى "الإحصاء" سواء سمي كذلك أم لم يسمى.

الثاني: أن البيان لم يكلف نفسه عناء التفكير في عبارته "أو غادرت نتيجة ضغوط مورست عليها من قبل ذويها"، معتبرا أن مثل هذه "الضغوط" هي أمر طبيعي، وتفكير المرأة بالهرب منها في ظل غياب أي قانون يحمي النساء من العنف والاستغلال الأسري هو "خطأ" يجب أن تحاسب عليه.

فمن المعروف أن أكثر من نصف النساء السوريات عانين من عنف أسري مباشر قبل الأزمة. وبديهي أن ترتفع النسبة اليوم، بعد خمس سنوات من الحرب وانهيار القيم وانتشار الفساد والاستزلام والثقافة الذكورية المبنية على العنف، سواء في المناطق التي تحميها الدولة أو تلك التي يحتلها إرهابيو الإسلام السياسي.

ووفق جميع معايير المواطنة الحضارية تعتبر المرأة التي تفر من العنف الأسري ضحية لا "مذنبة". وكأي ضحية فإن أبسط مبادئ العدالة القانونية ينص على أن لا تحمل الضحية مسؤولية أفعالها، المبدأ الذي غاب عن جميع القوانين السورية المتعلقة بالأسرة (نساء وأطفالا) باستثناء قانون واحد هو قانون مكافحة الإتجار بالبشر.

إذا، على وزارة الداخلية أن تعيد التفكير بمن هو "الجلاد" في هذه الحالات. بل أن تتصرف تجاه الأسر التي "مارست تل الضغوط" لتنال حسابها، رغم أن السند القانوني الذي يمكن للوزارة أن تستند إليه في حال قررت مثل هذه العدالهة هو سند ضعيف وهش.

خاص، مرصد نساء سورية (2016/6/21)

0
0
0
s2smodern