افتتاحية المرصد

 

 رسالة مفتوحة إلى الهيئة السورية لشؤون الأسرة: هل هذا صوتكم؟! 

في سلسلة من الورشات التي عقدت مؤخراً، وكان آخرها الندوة التي عقدتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالتعاون مع نقابة المحامين في السويداء اقرأ المقالة.. خرج علينا مسؤولون ليعلنوا دون أي تردد، وبلغة حازمة قاطعة تذكرنا بعهود غابرة، أننا إذ نناقش التحفظات السورية على اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، أو أية اتفاقية أخرى، فإننا لا نناقش أي تحفظ يخالف الشريعة الإسلامية أو يمس السيادة الوطنية!....

وكنا في افتتاحية سابقة قد أوضحنا اعتراضنا على "صك البراءة" من  جملة من الاتهامات على رأسها "استيراد الغرب"! الذي صار على كل من يريد الحديث في قضايا المجتمع أن يعلنه قبل أن يفتح فمه! اقرأ الافتتاحية.... لكن يبدو أن الموضة مستمرة بأشكال أخرى! وهذه المرة يبدو أن السيد خالد نجاتي، عضو مجلس الشعب، يعلن في ورشات عمل تعقدها الهيئة السورية لشؤون الأسرة، في كل من دمشق وطرطوس والسويداء، وغدا وبعد غد في باقي المحافظات، أنه ممنوع مناقشة أي تحفظ "يخالف الشريعة الإسلامية، أو السيادة الوطنية" دون أن يقدم أي توضيح عما يعنيه هو، أوي تعنيه هذه "المصطلحات"! ودون أن نعرف إن كان ينطق باسمه، أم باسم الهيئة السورية؟ خاصة أنه حاضر في جميع هذه النشاطات!
فمرسوم التصديق على الاتفاقية يستند بالضبط على هذين المفهومين! يعني أن نقاش التحفظات، في ظل المفهومين الغامضين والملتبسين: "الشريعة الإسلامية والسيادة الوطنية"، هو مجرد ثرثرة لا معنى لها! فكيف سنناقش هذه التحظات وهي وضعت أصلا لاعتقاد من وضعها أنها تخالف الشريعة وتمس السيادة؟!
طبعا لا نرى في هذا الرأي إلا تصورات قديمة أكل الزمن عليها وشرب. "فالشريعة الإسلامية" ليست حكرا لهذا أو ذاك، لهذه الجهة أو تلك، حتى تفسرها تفسيرها الخاص ثم تدعي أن كل تفسير آخر هو خارج الشريعة! و"الشريعة" بالمفهوم الذي جرى التحفظ على أساسه، يبدو أنها لا علاقة لها "بالشريعة" الإسلامية في اليمن! أو تونس! أو مصر! إذ جرى التحفظ على مواد مختلفة في بلدان مختلفة. وليس هذا فحسب، بل في سورية الكثير من رجال الدين الذين عبروا عن معارضتهم لهذه التحفظات معتبرين استنادها إلى "الشريعة الإسلامية" هو مجرد قراءة محددة لأناس في واقع محدد. وبضمنهم مفتي الجمهورة د. أحمد حسون، ود. محمد حبش عضو مجلس الشعب ومدير مركز الدراسات الإسلامية، وغيرهما.. مما يعني عمليا نفيهم أي تعارض لهذه التحفظات مع الإسلام، ومع الشريعة الإسلامية.
أما "السيادة الوطنية"، ذلك المفهوم المقدس ليس في بلدنا وحسب، بل في أي، وفي كل بلد في العالم، فقد تحول عندنا إلى كائن خرافي غير محدد المعالم، وقابل للتفسير كيفما شاء صاحب التفسير! ونعرف أنه سبق أن فسر هذا المفهوم بطرق مختلفة تناسب ما يريده هذا الطرف أو ذاك! وسبق أن استخدم مرارا في وجه المنظمات العاملة في قضايا المجتمع وخاصة في قضايا المرأة! وبإحالة إلى قانون المطبوعات الذي لم يبق صحفي واحد تقريبا في سورية لم يصفه بأقذع الصفات، ها هي الاسطوانة ذاتها تعيد علينا التهديد بعدم الاقتراب من "السيادة الوطنية"!
لا بأس، لن نقابل مثل هذه "المزاودات" إلا بابتسامة وسؤال: هل يمكنكم يا سيدات ويا سادة أن تعطوا مفهوما جامعا مانعا لما تقصدونه بـ"السيادة الوطنية"؟! بشرط: أن لا تنسوا أن الناس فقدت جهلها منذ زمن بعيد وصارت قادرة على المقارنة! أي لا تنسوا أن لا تكيلوا بمكيالين أو ثلاثة أو أربعة. أي احسبوها جيدا قبل أن تتنطحوا لمثل هذه الجمل الجوفاء، فقد تنعكس عليكم مباشرة، وبأمثلة قد يصعب حصرها، وقد يصعب عليكم الرد عليها!
أما السؤال الأخير والأهم، وهو موجه مباشرة للهيئة السورية لشؤون الأسرة، إذا كان ذاك الرأي رأيها: الأمر غاية في البساطة، التحفظات على المواد (2-9-15-16) منصوص على أن سببها هو "لعتارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية" وفق منطوق المرسوم رقم /330/ لعام 2002، والتحفظ على المادة (29)، وهي المادة المتعلقة بالتحكيم الدولي في حال النزاع، هي تتعلق حصرا بـ"السيادة الوطنية". فإذا كنتم تفتتحون ورشاتكم بهذه القيود، وربما التهديدات المبطنة، هل يمكنكم أن تخبرونا أية "مصلحة" إذا تكمن وراء عقدها؟!
أما إن لم يكن رأيها، فالأمر ليس بحاجة إلى توضيح وحسب، بل بحاجة إلى قول ذلك علنا في الندوات التي تعقدها. على الأقل كي يعرف الحاضرون أنهم جاؤوا ليتكلموا، لا ليتفرجوا بعضهم على بعضاً وهم ممنوعون من مناقشة ما دعيو لمنقاشته!!
بسام القاضي- (رسالة مفتوحة إلى الهيئة السورية لشؤون الأسرة: هل هذا صوتكم؟!)- عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

خاص: "نساء سورية"

0
0
0
s2smodern