المساواة حق يجب انتزاعه

من غير المجدي اللعب على الكلمات وإظهار أمر المساواة على أنه نوع من "التكريم" الذي يتنازل فيه الرجال عن بعض من سلطاتهم الذكورية. فالواقع أن الأمر يتعلق بحق منتهك لا ينفع معه "المسايرة والمداورة"، بل لا بد من المطالبة به بكل وضوح، والنضال من أجله في وجه الثقافة الذكورية بلا هوادة.

هنك مصالح متناقضة بين ثقافتين:
ثقافة ذكورية تتمتع بامتيازات مهمة، منها التخلص من عبء مهام تربية الأطفال والأعمال المنزلية، والتمتع بالحظوة والتكريم، والشعور بالسلطة والقوة. وتعمل عمل الوكيل عن "السلطة السياسية" في البلد، فتقوم بالسيطرة على أكثر من نصفه عددياً بحيث يندر أن تتمكن امرأة من الخروج على ما يريد ذكور الأسرة في المجالات العامة، وهي الثقافة العامة في العالم، والسائدة بقوة في بلدان العالم المتخلفة..

وثقافة مواطنة تقوم على أساس الحق المتساوي للإنسان بالحقوق والواجبات، ضمنا الفرص لتحصيل المعارف والخبرات منذ الصغر والتي تعد شرطاً أساسياً ليكون لمفهوم "التمييز على أساس الكفاءة" معنى صحيحاً، وهي ثقافة نادرة ويتم محاربتها بقسوة من قبل السلطتين السياسية والدينية.

ومن العبث القول أن سلطة الذكور ستتنازل عن امتيازاتها بسهولة. صحيح أن بعض هؤلاء سيفعل ذلك وينتقل من الثقافة الذكورية البهيمية إلى فضاء ثقافة المواطنة، نتيجة تفكيره وتعرفه واكتشافه أن مصلحته فيها كإنسان أكبر من مصلحته في تلك كذكر، لكن هؤلاء سيبقون دائماً نادرين ما لم تفرض المواطنة بقوة القانون، ويعاقب منتهكيها مَن كانوا.

فإذا كان بعض السوريين والسوريات يرغبون فعلاً في حماية مستقبل أطفالهم من السقوط في مستنقع الثقافة الذكورية، بسمياتها الإسلامية والمسيحية والسلطوية والمجتمعية..، فإن الطريق الوحيد لفعل ذلك هو "القتال" من أجل تحقيق المواطنة في سورية. قتال لا يقوم على السلاح بالتأكيد، لكنه يقوم على كل أشكال المواجهة الحضارية العصرية، بدءا من ممارسة ثقافة المساواة في الدائرة الاصغر في حياتهم، وحتى من فضح وتعرية الثقافة الذكورية بجميع مراجعها، بل وفي بعض الحالات بعض أشكال الاحتجاج المدني العلني أيضاً.


افتتاحية مرصد نساء سورية، 2018/10/26


شارك المقال مع أصدقاءك..
Top