جرائم الشرف

لم توفر السيدة تغريد ريشة، "الناشطة في الاتحاد النسائي العام وأمينة الشؤون الاجتماعية في اتحاد الصحفيين"، كما وصفها موقع "سيريانيوز"، الفرصة لكي تعبر عن أزمة ثقتها باليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف الذي أطلقه مرصد نساء سورية (29/10)، بالقول: "بصراحة لم نعد نثق بالأيام العالمية ولا نعوّل عليها لأنها توظف حسب الأقوى وتتغير حسب السياسات ويبقى السبيل الوحيد هو توعية المجتمع وتغيير نظرته للمرأة على أنها عورة".

اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف
اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف
بالطبع، لا يستحق هذا الكلام الرد إطلاقا. فهو ليس إلا تكرارا مملا لما سمعناه عن من رفض اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بهذه الذريعة. وممن رفض الاعتراف بأن ضحايا جرائم الشرف في سورية يستأهلن "التوقف" (وكان هذا التصريح معطى مباشرة للسيدة ريشة التي لم تجد أي تعليق تقوله لصاحبة ذلك التصريح سوى أن "تشكرها"!!).

وليس إلا تبريرا مثيرا للشفقة عن رفض الاتحاد ذاك (رفضه، وليس فشله) العمل خلال خمس سنوات طوال وشاقة من العمل ضد جرائم الشرف بدأ من أيلول 2005 حين أطلق المرصد "الحملة الوطنية لمناهضة جرائم الشرف"، فيما شارك في هذا العمل القاصي والداني. لكن، طبعا: القاصي والداني في سورية، وليس في جزر واق واق المصالح والخنوع!

ولذلك سننتقل مباشرة إلى ما قالته عن تحضير الاتحاد العام النسائي، المغفور له (بعد أن كان راية عالية في سبيعينات القرن الماضي حين كان اتحادا حقيقيا، وليس اتحاد مناصب ورفاهية ومصالح!)، للعمل ضد جرائم الشرف (بكير والله، انتظروا عقد تاني يمكن أحسن!!) قائلة: "نعمل حالياً على التحضير لحملة توعوية عبر جميع الأقنية الإعلامية للحد من جرائم الشرف, وسننفذ ذلك من خلال عقد الندوات والبروشورات وجلسات النقاش والتوعية بالتعاون مع مجموعة من الجهات المعنية مثل اليونسيف وهيئة شؤون الاسرة ووزارة الإعلام", مضيفة "نسعى من خلال ذلك أن نبين أن العدالة هي التي تعاقب الزانية وليس العادات والتقاليد الخاطئة".

لا بأس، هذه الرسالة الشخصية هي لتقول لك مباشرة، وعلنا: نحن ننتظر أي أثر لهذا الكلام. ننتظر أن نرى منكم أي بيان (فشلتم في إصداره في اتحادكم النسائي وفي اتحادكم الصحفي أيضا) ضد جرائم الشرف! وضد المواد العار في القانون السوري!
ننتظر منكم "بوسترا" يوزع في كل "رابطة"، بل في كل قرية ومركز صحي يقول: لا لجرائم العار تلك!
ننتظر منكم ندوات علنية على التلفاز لا تلتف وتدور وتتمسح بهذا أو ذاك، بل تقول صراحة وعلانية: لا لجرائم القرف تلك!
ننتظر منكم دراسات لا تفعل مثلما فعلتم في دراسة العنف ضد المرأة (2005) التي شوهت إلى أقصى حد لتحصلوا على نتيجة مزيفة (قدر الإمكان) تخفف من وطأة الحقيقة!
ننتظر منكم ندوات علنية يعلن عنها في التلفاز والجرائد في أماكن عامة يمكن لمن كان أن يحضرها وترفض صراحة جرائم  الشرف تلك!
أليس هذا ما تقولين أنكم تخططون لفعله؟ بوركتم. ننتظر فعلكم.

ولكن، إذا كان ما سنراه هو بعض الثرثرة المغلقة وتمسيح الجوخ، والتمسح على أقدام الأصوليين كما فعلتم سابقا في مناسبات عدة! إذا كان ما سنراه هو بعض كلمات تصف بعضها مع بعض لا يقرأها حتى من كتبها، وتبقى مخزنة في مستودعاتكم حالها حال كل ما تطبعونه (حقا: لماذا إذا تطبعونه؟!)، وإذا.. فربما أننا سنفهم اعتراضك "المرّ"! فقد كشفت هذه الحملة، وغيرها، أي هوة سحيقة يغرق فيها ما كان ذات يوم غابر اتحادا "نسائيا"! وما صار احتكارا أشد سوءا من قانون تدمير الجمعيات، إذ ينص قانون الاتحاد النسائي الخاص على عدم السماح لأي منظمة أن تكون "نسائية" لأن هذا "الاتحاد" هو ممثل النساء!! أي نساء؟ علمها عند الله.

مع ذلك، برأيك، كم يطول الانتظار قبل أن نرى ما تقولين؟ لا بأس.. مع انفتاح وسائل الإعلام اليوم صار بإمكاننا أن نذكر بعضنا بعضا، علنا، ودون خشية من الذاكرة.. فلنرى..


- بسام القاضي، (رسالة شخصية إلى السيدة "تغريد ريشة": نحن بالانتظار!)

مرصد نساء سورية

0
0
0
s2smodern