افتتاحية المرصد

دأبت الحكومة السورية على اعتبار الناس مجرد أدوات تستخدمها كيفما تشاء. ولا ترى فيهم إلا منفذين لخططها وتصوراتها التي برز سواد بعضها في المشروع الأسود (مشروع قانون الأحوال الشخصية) الذي عكس مقدار ما يمكن أن تحمل تلك الرؤى من تدمير للمجتمع والدولة في سورية.

وهذا السلوك تبدى دائما في سن وتعديل القوانين. فلا أحد يعرف ما يجري في أروقة اللجان التي تقوم بذلك! ولا في مجلس الوزراء حيث "يقر" ذلك! وحتى وصولها إلى مجلس الشعب يصعب كثيرا أن يعرف الناس الذين ستطبق عليهم هذه القوانين ما الذي تتضمنه؟ الأمر الذي يحرم المواطنين/ات في سورية من أية مشاركة في ما يخص مصيرهم اليومي في علاقاتهم بعضهم ببعض، وفي علاقاتهم مع الحكومة نفسها.

الأمر نفسه يتكرر كل مرة. وآخرها كان الخبر الذي نقلته سانا عن أن مجلس الوزراء قد أقر مشروع تعديل لقانون العقوبات دون أن تشير إلى أي تفصيل حول هذا المشروع، ما الذي جرى تعديله؟ كيف عدل؟.. الخ..

إن هذا السلوك يتناقض مع حق كل مواطن/ة بالمشاركة في صنع ما يحكم حياتهم/ن. والقانون أولى الأولويات في مشاركة الناس. فهو سوف يحكم تفاصيل حياتهم يوما بيوم. وبالتالي فهو يتناقض أيضا مع الدستور السوري الذي نص على: "المادة 2/فقرة 2: السيادة للشعب ويمارسها على الوجه المبين في الدستور. المادة 26: لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك".

 من حقنا أن نعرف.. من حقنا أن نشارك

وبالتالي فإننا نطالب الحكومة السورية، خاصة رئاسة مجلس الوزراء، بعدم نقاش أو قبول أو الموافقة على أي مشروع قانون لا يكون قد تم عرضه للعموم عبر موقع الحكومة المسمى "سورية التشاركية"، والذي يحمل شعار "شارك في صنع القرار"! وهو موقع أنشئ أصلا لهذا الغرض، ومن ثم تم تهميشه تهميشا كليا! حتى إن بوابة "مشاريع التشريعات" هي بوابة فارغة تماما؟! وبوابة "التشريعات الصادرة" ليس فيها سوى رقم المرسوم وتاريخه وسطرين فقط عن المرسوم! بل أكثر من ذلك، فإن المرسوم رقم 37 تاريخ 1/7/2009، والخاص بتعديل المادة 548 من قانون العقوبات، مازال على حاله الأولى حيث نشر خطأ متضمنا: "فأقدم على قتلها أو إيذائها أو على قتل أو إيذاء أحدهما"، وقامت سانا بتعديل الصيغة بعد إشارة "مرصد نساء سورية" إلى ذلك، فصارت "فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما"!

إن حق كل مواطن ومواطنة في معرف ما يرسم له من قوانين تحكم حياته هو حق آساسي لا يحق لأحد ولا لجهة، متضمنة رئاسة مجلس الوزراء، أن تهدره لأي سبب كان. كما أن حقه في أن تكون تلك المعرفة سابقة لإقراره، وأن يشارك في انتقاده وتصحيحه واقتراح بدائل له هو حق أساسي أيضا.

لذلك، فإننا ندعو كل المواطنين والمواطنات إلى إطلاق حملة واسعة النطاق لإجبار رئاسة مجلس الورزاء، وكافة الوزارات، على اعتماد موقع "سورية التشاركية"، وإجبارها على نشر أي مشروع قانون على صفحاته منذ اللحظة التي يخرج فيها من اللجنة المكلفة بإعداده، وقبل أن يقر في رئاسة مجلس الورزاء بفترة كافية لا تقل عن شهر كامل.

*- موقع "سورية التشاركية" على الانترنت: www.youropinion.gov.sy


بسام القاضي، افتتاحية نساء سورية، (من حقنا أن نعرف.. من حقنا أن نشارك)

خاص: نساء سورية

0
0
0
s2smodern