افتتاحية المرصد

 الزميلة هند بوظو تكتشف "وثائق سرية" في الأمم المتحدة ضد الأسرة في الدول "العربية والإسلامية"!

 هذه ليست مزحة. فهي حقيقة ثبتتها جريدة الثورة السورية بتاريخ 4/6/2007! في زاوية للزميلة هند بوظو، الصحفية المعروفة، حملت عنوان: " لا للأمومة.. لا.. للحياة الزوجية"! في تأكيد قاطع لا يحمل أدنى قدر من الشك!
ليس هناك من داع للبحث، إذاً، عن الإعلام المعادي لحقوق المرأة وقضاياها! وليس من أهمية هنا لكون الكاتبة امرأة. فالقضية، كما نعتقد دائما، لم تكن يوماً "قضية النساء" أو "قضية الرجال". بل هي قضية مجتمعية أولاً تتمثل في ثقافة ذكورية تحملها النساء بالقدر ذاتها تقريباً الذي يحملها فيه الذكور..
الزميلة هند بوظو، المحررة في جريدة الثورة، هي اليوم إحدى هؤلاء النساء! فبكل بساطة، وبدون أي عناء، تقرر السيدة التي "اطلعت" على الوثائق السرية للأمم المتحدة، أن لجنة الأمم المتحدة "أجمعت تحديد عام 2015 كآخر أجل لإطلاق الحرية الجنسية للمرأة في الدول العربية والإسلامية"؟!!
كيف ذلك؟! ما هي هذه الوثيقة؟ أو مسودة الوثيقة؟ أو محضر الاجتماع الذي استطاعت السيدة بوظو الوصول إليها؟! لا أحد يعرف! فهي لم تجد ضرورة لتذكر أي شيء حول توثيق هذه الوثيقة! وتجاهلت كلياً أن الأمم المتحدة توثق كل كلمة فيها، بضمن ذلك مسودات النقاش، بسلسلة من الأرقام والتواريخ!
في الواقع الزميلة لا تستطيع أن تتذكر ذلك.. للأسف الشديد! فما قالته ونعيد نشره أدناه نقلا عن جريدة الثورة، ليس إلا أحد أمرين، كلاهما أسوأ من الآخر:

- إما أنها لا تعرف عما تتحدث! وفي هذه الحالة لا يسعنا إلا أن نضع عشرات إشارات الاستفهام والتعجب.. ثم، وبكل أسف، ندعوها إلى أن تنظر جدياً في استمرارها في العمل الصحفي. على الأقل حتى لا تنطبق عليها تلك "الورقة الشيطانية" التي تستهدف إشاعة حرية الجنس "للمرأة في الدول العربية والإسلامية"! فتلك "الوثيقة" (واسمها الفصيح الصريح المعروف للقاصي والداني، باستثناء السيدة بوظو طبعا، هو: اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومعروفة اختصاراً باسم السيداو- CEDAW، حتى إن أنكرت السيدة أنها تقصد هذه الوثيقة!)! تلك الوثيقة تلزم الدول الموقعة عليها، وسورية وقعت عليها، بتأكيد دعمها لها (أي الاتفاقية) في وسائل الإعلام! يعني تلزمك يا سيدتي بدعمها!
لكن الأخطر في هذا المجال أن الاتفاقية تلك تهدف، بضمن ما تهدف، إلى ضمان حق العمل للنساء (أي لك سيدتي) وفق الكفاءة وبأجور مساوية للرجال في العمل نفسه، وتمنع التمييز ضدها  (أي ضدك سيدتي) بسبب الجنس، وضمان أن لا تتعرض النساء (أي أنت سيدتي) لأي تحرش جنسي في عملها.. إضافة إلى سلسلة أخرى من الضمانات التي تؤدي، وفق نظريتك الجديدة التي تستحق الثناء، إلى "إشاعة الحرية الجنسية للمرأة في الدول العربية والإسلامية"! مما يعني، ببساطة، أنك مستهدفة بهذا أكثر من غيرك، لأنك تعملين في مجال هو من الأكثر خطورة في هذا المجال، نظرا لما يتطلبه من حركة وبحث ودخول في مناطق مظلمة وخطرة والعمل في مكاتب قد تكون مغلقة وحضور اجتماعات قد لا يكون فها محرم و.....

إلا أنه يمكنك، إذا كنت بحاجة  إلى العمل والخروج من المنزل، أن تهاجري إلى إحدى الدول غير العربية، وغير الإسلامية، كجنوب إفريقيا مثلا، أو تايلاند، أو جزر الهاوي، حيث لا تستهدفها تلك "اللجنة الشيطانية" التي قصرت اهتمامها كله، في زعم السيدة بوظو التي نسيت اسم أهم مؤتمر في قضايا المرأة (ويدعى مصادفة باسم: مؤتمر بكين! وتسمى الخلاصات المتعلقة به، مصادفة أيضاً، منهج ومقررات بكين! وأسماء أخرى مثل كوبنهاغن مثلا)، قصرت اهتمامها كله على "المرأة في الدول العربية والإسلامية"!

- وإما، استكمالاً للاحتمالين في أسباب ما قالته السيدة هند بوظو، والمنشور أدناه، أن السيدة بوظو تعرف جيداً الحقيقة التي لا تحتاج إلى بحث وتمحيص، رغم أن أي بحث وتمحيص (من النوع الذي لم تقم به السيدة بوظو)، قد يكون مفيداً جداً للمرأة في هانوي، وللمرأة في باريس، وللمرأة في واشنطن العاصمة.. أقل بكثير مما سيكون مفيداً للمرأة في دمشق، ولها في القاهرة، وفي طهران وإسلام آباد، حيث ما تزال المرأة في مستوى أقل بكثير مما حققته النساء في تلك الأماكن كإنسانة ومواطنة مما هي عليه في دول أخرى..!

فإذا كانت تعرف "الحقيقة"، وهو ما نزعمه بأدلة كثيرة لا يحتاج إبرازها وتثبيتها سوى لبحث في صفحات جريدة الثورة ذاتها عن مقالات السيدة بوظو التي أمضت سنوات وسنوات في الكتابة الصحفية، فإن وراء الأكمة ما وراءها إذن!

فما الذي وراءها يا سيدتي؟! لماذا تبدو كلماتك، بل حتى صياغة مقالك، مختلفة كثيرا عما عرفناه عن قلمك؟ لماذا تبدو المادة تلك كأنها لم تخط بيد السيدة هند بوظو؟ أو كأنها خطت بقلمها لكن ليس من قلبها ولا عقلها؟ طبعا نحن هنا لا نضرب في الرمل.. كما قلنا، الأمر لا يحتاج إلا إلى مقارنة سريعة مع مقالاتك التي نعرفها جيداً..
إذاً، لماذا تجدين نفسك مضطرة لاختراع أوراق ووثائق وهمية لتثبتي "وجهة نظرك"؟! هل لأن الأوراق والوثائق الموجودة فعلاً تتناقض كلياً مع ادعائك؟! وهل لأنك لا تجرؤين على مناقشة هذه الأوراق والوثائق الموجودة فعلاً؟! أو هل لا تستطيعين ذلك؟!
إذا كنت لا تجرؤين، فهذا عادي. الخوف جزء أساسي من الحياة، بل هو واحد من أهم دوافع تطور الإنسان ككل. أما إذا كنت لا تستطيعين، فيمكننا مساعدتك ببساطة. لدينا الكثير من الأوراق والوثائق والدراسات والمقالات.. من ناس عاديين ومهمتمين ومختصين، من دكاترة جامعة وباحثين ومسؤولين.. من أقسام وكليات وجامعات.. جميعها تعلم جيداً كيف يمكن للمرء (وليس للمرأة!) أن يناقش ويحاجج على أسس علمية عقلية سليمة.

لكن، وبغض النظر عن الأسباب، ليتك يا سيدتي أتعبت نفسك قليلاً ببعض كلمات إضافية في مادتك تقولين فيها كيف تمكنت من هذه الاستنتاجات الغريبة العجيبة:
- "المسودة التي ستصبح قانونا وتعاقب الدول التي تخالفه"! أين هي هذه المسودة؟ ماذا تتضمن بالضبط (وبإشارات تنصيص)؟ وفق أي بند فيها ستعاقب الدول التي تخالف القانون الذي سيصبح؟! لحسن الحظ أن نص الاتفاقية أمامي الآن.. ولسوء حظي أنني لا أجد أية مادة تشير، بشكل من الأشكال، إلى ما تقولين؟ حتى المادة 29 منها (وهي مادة متحفظ عليها من الحكومة السورية، وحق التحفظ على هذه المادة تكفله الاتفاقية ذاتها في المادة ذاتها في بندها الثاني، وهذا غريب فعلا!)، لا تتحدث بأي شكل عن "المعاقبة".. وكل ما تقوله أنه "يعرض للتحكيم أي خلاف ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية ولا يسوى عن طريق المفاوضات، وذلك بناء على واحدة من هذه الدول"..!

في الواقع السيدة بوظو تتحدث عن وثيقة أخرى.. وثيقة لم يخترعها دماغها.. بل هناك أحد ما من اخترعها ومررها إليها.. وهذا "أحد ما" ليس خفياً.. سوى أنه أجبن من أن يعلن آراءه هذه بلسانه.. وربما، مجرد ربما، لو أنه كان ضمن الوفد السوري الحكومي الذي قدم التقرير الوطني أمام اللجنة الدولية في "أمريكا"، وناقش وحاجج (ونقدر فيه ذلك كل التقدير، سواء اختلفنا و اتفقنا مع ما قاله).. لما كان ذلك "الخفي" الذي اعتدنا على "ظهوره" في الفترة الأخيرة، قد "مرر" ما مرره.. لكن: للضرورات أحكام!

- ".. تحمل أفكارا أكثر تطرفا مما هو موجود في الدول الأوروبية.. مثل (لا.. للأمومة.. لا للحياة الزوجية)"! لا بأس: دعيني أتحداك علنا يا سيدتي، من رجل يرفض سيطرته الذكورية المعترف بها، والمباحة من المجتمع، ويرفض، بكل فخر واعتزاز برجولته، "تلك الامتيازات الذكورية التي تشعره بأنه ما زال حيواناً في غابة"، وهي ، أي السيطرة والامتيازات، التي  حصلت للتو على مباركة من حضرتك في التمادي فيها كما أحب وأشتهي، إلى سيدة حريصة كل الحرص على "البطون التي أنجبت الأنبياء"!، وفقدت كل حرص على "الإنسان" الذي منه ولد جميع الأنبياء، وله توجهوا جميعاً، ومن أجله استشهد أكثرهم، ومن أجله عانوا جميعاً أضعاف أضعاف ما عانيته وعانيتيه: هات جملة واحدة في أي من وثائق الأمم المتحدة، مهما كانت صفة هذه الوثيقة، تقول، بأي شكل من الأشكال، وبأي صيغة من الصيغ، وبأي لغة محكية أو منقرضة: لا للأمومة.. لا للحياة الزوجية؟! هل أقولها مجددا؟ لا بأس: هذا تحد علني أوجهه لك، وأنت الصحفية المعروفة منذ زمن ليس بالقليل.. ولديك ما نحلم ليل نهار أن يكون جزء منه لدينا: جريدة ورقية بالطول والعرض!
وبالمقابل، لدي ما يملأ رفوفاً كاملة من الوثائق التي تؤكد حرص الأمم المتحدة على "الأمومة والطفولة" و"الأسرة" و"الأخلاق" و"العلاقات الجنسية الأحادية" و...

- "معتبرة أن العلاقة الزوجية الحالية في الدول العربية (مجرد اغتصاب)"!! لن أقول ما يجب أن يقال هنا، احتراماً لشخصك ولأسرتك. لكنني لا أستطيع تهنئتك على قدرتك المميزة على اللعب بالكلمات! فهكذا صارت "إدانة الاغتصاب الزوجي" تعني، بلغتك: "العلاقة الزوجية الحالية في الدول العربية (مجرد اغتصاب)! أتعرفين؟ حتى جهابذة الغرافيك الرقمي لا يستطيعون أن يتلاعبوا بالصور كلما تلاعبت أنت بالكلمات! مع ذلك، لماذا أنت خجلة من قولها علنا أنك تؤيدين اغتصاب الزوج لزوجته؟! لماذا لا تقولين علناً أنك لا تمانعين أن يمارس الزوج الجنس مع زوجته متى اشتهى حتى لو كانت مريضة، نائمة، متعبة، غير راغبة.. بل حتى لو كانت قد وضعت قبل خمس دقائق، طالما اشتهى ذلك؟! ولماذا لا تقولين أيضاً، انسجاماً مع السياق، وانسجاماً مع الواقع الذي نعترض عليه وتعترض عليه السيداو: أنك مع أن يضربها ويشتمها ويقيدها بأطراف السرير ثم يمزق ألبستها ويغتصبها على فراشٍ لا يبدو في صورة العرس الذهبية، لكنه واضح في عيون العريسين وقت التقاط الصورة كمكان لا تحلم به حتى العصافير من رقته وجماله ورومانسيته؟!

هذا حقك فعلا! ونعرف أن الكثير من النساء يحملن هذا الرأي، إضافة إلى الكثير الكثير من الرجال! وأيضاً هذا حقهم. لكن أدنى مراتب المصداقية (ولا بد أنك تعرفين ذلك بحكم أنك صحفية) تقول أنه يجب أن لا تداوري لتقولي ما تعتقدين به! بل يجب أن تقوليه وتدافعي عنه وتحاججي به..  فلم تهربين إلى اتهامات من هذا النوع؟ لم لا تقولين صراحة: نعم لضرب الزوجات! نعم لاغتصابهن! نعم لحرمانهن من الإرث! نعم لطلاقهن دون أي قرش ورميهن في الشارع! نعم لحرمان المرأة السورية من الجنسية! نعم للتمييز في العمل.. عفوا! هل قلنا التمييز في العمل؟! غريب! هل فكرت بهذه؟ هذه تعني، يا سيدتي، أنه يحق لصحفي باشر عمله البارحة، أن يكون رئيسك، بغض النظر عن كفاءاته وإمكانياته لمجرد أنه "ذكر"!.. وأنه عليك أن.. تبعتدي، لو سمحت، عن "عمل الرجال"! أليس "عمل الرجال" هو كل ما يتطلب الاختلاط، والخروج الكثير من البيت..؟! ألست صحفية؟! ألا يتطلب عملك أن تحضري ورشة تنتهي في العاشرة ليلاً؟ أفلا يتطلب تحقيق ما منك أن تذهبي إلى الحدائق التي ينام فيها أطفال الإدمان والتشرد (الذين صادف أن لعب الشيطان بعقل بعضهم فرأى أمه تغتصب أمام عينيه، ومن قبل.. والده!)؟! فكيف إذا تستمرين في هذا العمل؟!

- " ومن دون الخوض في أسباب فشل هذا القرار أو التبليغ أو المسودة"! ولماذا دون الخوض يا سيدتي؟ لم لا تنورينا بأسباب فشلها؟! عسى نتمكن من التعلم واستثمارها في مرات قادمة فنعزز هذه الأسباب بوجه أي "مشروع" جديد يستهدف "إطلاق الحرية الجنسية للمرأة في الدول العربية والإسلامية"؟! بل، أيضاً، نعمل على إخفاء هذه الأسباب عن غير "الدول العربية والإسلامية" لأنه، هكذا أو هكذا، مصيرهم جهنم وبئس المصير؟! لم لا تخوضين فيها وتقولين لنا من هم الذين واجهوا هذه الوثيقة وأفشلوها لكي نكرمهم ونشيد بهم؟! فإذا كان الأمر كما تقولين، لكان هؤلاء عظماء أكثر من نصف من صنفناهم عظماء في القرن العشرين برمته..
ربما هناك سبب وجيه لامتناعك عن الخوض في الأسباب. وهو بسيط للغاية. أن القصة كلها ملفقة.. قصة لا تحوز على أدنى علامة من علامات مواضيع التعبير، لسبب بسيط للغاية أيضاً: إنها معادية للإنسانية (فهي تتناقض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)، وهي معادية للدستور الذي ساوى بين المواطنين (ذكوراً وإناث)، وتتعارض مع كل الأديان السماوية التي رفضت العنف جملة وتفصيلاً، وقنونت بشدة حتى تلك التي كانت، في ذلك الزمن، ضرورية بهذا القدر أو ذاك! بل، للأسف، إنها تتناقض أيضاً بشدة مع أي حد أدنى من أمانة الصحفي!

- " ننوه إلى أن هذه الوثيقة هي دعوة لطفل يعيش بلا مأوى بلا أسرة"! يا للهول! تخيلوا مع السيدة بوظو: الأمم المتحدة تعد مثل هذه الوثيقة، "خص نص"، للدول العربية والإسلامية! هذه الدول التي وافقت على "تلك الوثيقة" (مرة أخرى اسمها يا سيدتي اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومعروفة اختصاراً باسم السيداو، ونسخها متوافرة في أماكن عدة، ويمكننا إهداؤك نسخ كثيرة منها بأشكال طباعية وإلكترونية متعددة)، بهذا التحفظ أو ذاك، فشلت فشلاً ذريعاً في اكتشاف حجم المؤامرة على مجتمعاتها (سنكتفي بالقول أنها "فشلت"! وليس "تآمرت"!). يا للهول.. عشرات الوزارات السورية التي شاركت، بشكل أو بآخر، في إعداد التقرير الوطني المتعلق بما تم تحقيقه من تقدم في مجال تطبيق هذه "الوثيقة"، وعشرات مدرسي الجامعات، وعشرات الناشطين والناشطات، بل حتى هيئة رسمية بمثابة وزارة تدعى "الهيئة السورية لشؤون الأسرة"، أولغوا في هذه "المؤامرة الدنيئة" وتواطؤوا من أجل إباحة "الحرية الجنسية" للنساء السوريات! من أجل أن نرى النساء السوريات "يمارسن الجنس في الشوارع" (الترجمة العملية للجملة السابقة، والجملة حرفياً التي قالها دكتور شهير في ندوة عقدت قبل عامين!)!

عذراً مرة أخرى.. هل قلت "أولغوا"؟! لا بأس يا سيدتي.. نظرا إلى أنك لم تتعبي نفسك بأن تقرئي حرفا من أي موضوع متعلق بهذه "المؤامرة"، فلا أتوقع أنك ستبذلين أي جهد لمعرفة معنى هذه الكلمة. وعليه اسمحي لي أن أقول لك أنها تعني: شاركوا وبالغوا في المشاركة إلى حد خرج عن أي منطق! لكنك لم تقولي ذلك، أليس كذلك؟ طبعا، فانسجاماً مع اختفاء الأفكار الحقيقية وراء اتهام الآخرين، الأسلوب الذي اتبعتيه، نفترض أنهم جميعاً كان "جهلاً".. حتى إنهم لم يعرفوا ما "يحفر" لهم.. اللهم إذا كان قصدك أن هؤلاء جميعاً وقعوا على الاتفاقية (ومرة أخرى اسمها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومعروفة اختصاراً بالسيداو)، وأدخلوا فصلاً خاصا في الخطة الخمسية العاشرة، ويعقدون المؤتمرات لإدراج هذه الحقوق في المناهج ووسائل الإعلام (باستثناء مقالاتك طبعاً)، ويعملون التدريبات وورشات العمل مع الجهات المختلفة.. إذا كان قصدك أنهم فعلوا كل ذلك، لكي "يفشلوا تلك المؤامرة" من الداخل!! إذا كان الأمر كذلك.. فاعذريني.. فشلت في رؤيته..

آخر ما سنقوله يا سيدتي، أننا نفخر بانتمائنا إلى ثقافة تمتد عميقا في جذور التاريخ، ثقافة لم تنجب الأنبياء فحسب، بل أنجبت العلماء والمفكرين وأصحاب الهندسة والقوانين.. نعم.. القوانين التي يقال أنها أولى القوانين في تاريخ البشرية..
لكن، مما لا يجدر بإعلامية في القرن الواحد والعشرين، تنفي عن نفسها صفة العنصرية البغيضة، أن تتهم شعوباً برمتها بأنها تنتمي إلى ثقافة " ثقافة ترمي لحمها في مراكز إيواء"! مع العلم، أن علم الاجتماع الحديث أثبت أن مراكز الإيواء لهي أكثر إنسانية وحضارة، وأقرب إلى القيم السامية والأخلاق، وألصق بالأديان سماوية كانت أم أرضية.. من "حاويات القمامة" ومن طين ضفاف الأنهر، ومن المناطق المظملة تحت الجسور، وأيضاً.. من القتل بأكثر الأشكال وحشية "اتقاء للعار"!

نعم.. نحن أمة.. ولا يكلف اقتلاع الأنساب سوى أن نحولها إلى "مومياءات" لا مكان لها إلا.. متحف التاريخ القديم..!

الأمم المتحدة.. تقرر: (لا للأمومة.. لا.. للحياة الزوجية)

هند بوظو

تم تحديد عام 2015 كآخر أجل لاطلاق الحرية الجنسية للمرأة في الدول العربية والاسلامية.. هذا (ما أجمعت عليه لجنة المرأة بالأمم المتحدة) داعية إلى إلغاء القوانين الموصوفة- بالتمييزية) ضد المرأة..

المسودة التي ستصبح قانونا وتعاقب الدول التي تخالفه.. تحمل أفكارا أكثر تطرفا مما هو موجود في الدول الأوروبية.. مثل (لا.. للأمومة.. لا للحياة الزوجية) معتبرة أن العلاقة الزوجية الحالية في الدول العربية(مجرد اغتصاب).!‏

إن خطورة هذه الوثيقة (وجديتها) تكمن في أنها صادرة عن الأمم المتحدة التي ترعى عددا من البرامج في كل البلاد العربية والإسلامية..‏

ومن دون الخوض في أسباب فشل هذا القرار أو التبليغ أو المسودة.. البديهي هو أننا حضارة ومقومات وجذور وقيم.. ونتمتع بحقوقنا.. وبخصوصيتنا..‏

ننوه إلى أن هذه الوثيقة هي دعوة لطفل يعيش بلا مأوى بلا أسرة وأكيد أنهم نسوا- اتفاقية حقوق الطفل- الصادرة عن الأمم المتحدة اليونيسف.. والتي تدعو لاحترام حق الطفل بالعيش بأمان في أسرة تضمن له حقه في المأكل والملبس واللعب.. والتعليم.. إلى آخر هذه (التعليمات) التي تطبقها البشرية منذ بدأت الخليقة.‏

ونحن كما يقول علماء التاريخ والجغرافيا والسياسة أمة انبثعت من فجر التكوين الأول هذا أولا..‏

أما ثانيا.. هل وصل التناقض والكيل بمكيالين الى أروقة الأمم المتحدة بما يخص الجانب الاجتماعي (المرأة والطفل) العربيين.. ولماذا لا ينتشر نشاط هذه الجمعيات واللجان في اليابان والصين والولايات المتحدة الأميركية.. فإنها ستجد مجالا أكبر لمكافحة البطالة التي سيعانون منها قريبا.. بعد أن قررت مليون امرأة أول أمس نسف كل قوانين (ومسودات هذه اللجان) وقررن ترك وظائفهن وأعمالهن ليتفرغن لإدارة شؤون بيوتهن ورعاية أطفالهن فدعوة هذه اللجنة إلى شعار لا للأمومة لا للحياة الزوجية تعني نعم للطفولة المشردة.. نعم للقطاء..‏

لكن أرحامنا في الشرق لاتنجب لقطاء.. وصلوا إلى سدة الحكم!. أما بطوننا فإنها أنجبت الأنبياء والحكماء.. وحتى غيرهم.. اخطؤوا أم أصابوا فإنهم لاينحدرون إلى ثقافة ترمي لحمها في مراكز إيواء.‏

جريدة الثورة (4/6/2007)


بسام القاضي، مشرف فريق عمل نساء سورية – (الزميلة هند بوظو تكتشف وثائق سرية في الأمم المتحدة ضد الدول العربية والإسلامية!)

خاص: "نساء سورية"

0
0
0
s2smodern