افتتاحية المرصد
أفران فطائر منزلية في اللاذقية

لا يغير شيئا “مرسوم” زيادة 7500 ليرة سورية للعاملين جميعا قيد أنملة في حقيقة أن رفع أسعار الوقود عنى كارثة معاشية لجميع السوريين والسوريات، العامل منهم والفلاح والتاجر الصغير والعاطل عن العمل، وعلى رأسهم النساء التي يقع على عاتق أغلبهن مسؤولية “تدبير” شؤون المنزل حتى لو بقروش قليلة!



الفتات الذي رمي للشعب من قبل حكومة تقوم على نهب البلد تبدو كأنها تعادل ما تم حصده من خلال زيادة الأسعار!

لكن الواقع أن “العقلية الجبائية” التي تتمتع بها الحكومة (حسب تعبير د.أيهم أسد، دكتوراه في الاقتصاد ومؤلف العديد من الكتب في هذا المجال، ونشره على صفحته الفيسبوكية)، ستحصد عشرات أضعاف ما رمته من فتات بمرسوم “الزيادة”، ذلك أن أسعار كل شيء في سورية سترتفع بناء على أن الوقود (خاصة المازوت والغاز) يدخلان في كل تفصيل من الإنتاج السوري، بداء من الزراعة وانتهاء بالنقل والمواصلات.

ورغم أن الناس غالبا ما تتحدث عن “الزيادة” بصفتها “ردما” للهوة بين الأجور والأسعار، وهو منطق خاطئ اقتصاديا بالمطلق، فإن الملايين من السوريين اليوم هم عاطلون عن العمل بالمعنى الحرفي للكلمة، سواء بسبب سياسات النظام الاقتصادية التي بدأت منذ 2003 وقمت على تدمير الطبقة الوسطى وإفساح كل المجال أمام مافيات الطفيليات، أو بسبب الحرب والتدمير الممنهج للاقتصاد والبنية التحتية الذي قامت به ثورة الإرهاب الأخونجي وشركاه.

أي أن هؤلاء الملايين الذين كانوا بالكاد يؤمنون قوت يومهم بالحد الأدنى، لم يحصلوا حتى على ذرة من هذا الفتات، وهم مهددون اليوم بالمجاعة بالمعنى الحرفي للكلمة.

دراسات عدة تحدثت عن حاجة الأسرة السورية المتوسطة (5 أفراد) لأكثر من 150 ألف ليرة سورية شهريا لكي تكون تماما على “حد الفقر” العالمي (1.97 دولار يوميا)، وذلك قبيل مذبحة رفع أسعار الوقود الأخيرة.

وإن كان هناك بعض التحفظات على هذه الدراسات، وأي بنود وبأي كمية ونوعية تم اعتبرها “أساسية” لحياة الناس في سورية.. إلا أنها في العموم لم تجانب الصواب في أن الأسرة السورية تغرق أكثر فأكثر في الفقر.

لكن تلك الأرقام باتت اليوم مطابقة للواقع، بل أقل مما يقتضيه الواقع الذي سيظهر عاريا بعد عدة أيام، أي حين يتسكمل السوق (ضمنا الحكومة) رفع أسعار كل شيء ليتناسب مع ارتفاع أسعار الوقود!

لم يعد سؤالا من أين ستؤمن الأسرة السورية ما يكفي لحدها الأدنى من العيش. فالاحتمالات كلها باتت مسدودة مع اقتصاد مدمر، وفساد مستحكم، ومافيات تحكم البلد ومنافذه، وحصار اقتصادي إرهابي غربي، وحرب مستمرة..

بل السؤال اليوم: كيف ستتمكن هذه الأسرة من أقلمة دخل لا يتجاوز متوسطه (للعاملين) 35 ألف ليرة سورية شهريا، وأقل من 20 ألفا شهريا للجميع، ضمنا المساعدات التي تقدم لبعض المهجرين، كيف ستتمكن من تجنب الموت جوعا، فيما يستمر سادة البلد وحلفائهم من المافيات بالنهب والسرقة؟!

الباب بات مغلقا بالكامل أمام الأسرة السورية بعد المذبحة المعاشية الاخيرة! وليس أمام الأسرة السورية سوى الدعاء أن لا تموت جوعا، إن كان ينفع الدعاء!

الافتتاحية: خاص، نساء سورية (2016/6/22)

0
0
0
s2smodern