جرائم الشرف

منذ أيام تابعنا الجلسة الأولى لمحاكمة شقيق "زهرة عزو" الذي قتلها دفاعا عن الشرف، كانت الجلسة علنية وكان الحضور شخصيات معروفة من فنانين وكتاب سيناريو ومخرجين وإعلاميين، الجميع ينتظر ما سيتلوه القاضي في الجلسة الأولى.

لا لجرائم الشرف
وها قد مضى نحو نصف ساعة ولم يأت بعد "المتهم"، خلالها تمت المداولات لعدد من القضايا المتتابعة..
وأخيرا وصل.. التفتت محامية الضحية وعضوة جمعية تطوير دور المرأة، وبحثت بالوجوه القادمة لعلها تجد  "المتهم"! بحثت طويلا لم تجده، إلى أن ناداها القاضي متسائلا محامية من تكونين؟ ومن القفص أجاب "المتهم": إنها محامية عني! والتفتت المحامية وإذ بها تراه وقد تغيّرت معالمه! مرّ سريعاً شريط الذكريات: عندما كان يحاول بشتى الوسائل أن ينقذ أخته من نفسه، ومن أهله الذين يودون قتلها! تذكرت كم مرّة جاء قائلا لها: "ألن نستطيع إنقاذ زهرة"!

تذكرت كلّ هذا وهي تقول للقاضي: لا إني محامية.. (وكادت تقول الضحية الأخرى، لكنها استدركت وتابعت) محامية عن زوج المغدورة وعن الجمعية!

لم تستمر وقفتها طويلا فقد أُجلت الجلسة لعدم حضور محامية "المتهم"!
مرّت بالقرب منه والدموع تكاد تحرقها!
"لماذا فعلتَ ذلك؟"
قال لها: "انه القضاء والقدر"!
لقد كبر وازدادت عيناه حزنا.. وازداد تيهاً.. كأنه لم يدر بعد ما الذي فعله! لكنه كان قد قطّع شرايين أخته ليدافع عن "شرف الأجداد والآباء والأوطان"!
الجميع يعرف قصة زهرة، ويعرف كم كانت تكن من المودة لأخيها.. وكم كان ويودها.. لكن العقليات المضخمة بالشرف الوهمي والذكورة المجحفة والقوانين المتساهلة.. كلها أعطت له سكيناً ليذبح بها و"يرفع رأس والده" الذي لم يتنازل حتى بالوقوف إلى جانب ولده في المحكمة!
عقلية تدفع أخا لقتل أخته، عقلية تدفع أبا لإجبار إبنه على قتل ابنته، و"الشرف" هو الغاية، ذلك الذي لم نفهمه بعد! ولم تفهمه قوانيننا!.

"شرف" أنتج ضحيتين:القاتل والمقتولة! كلاهما ضحايا المجتمع والقوانين!
"شرف" بات من الضروري أن نتخلص منه إلى غير رجعة. ولذلك سنحزن بالتأكيد على شقيق زهرة، من شرع السكين وذبحها، لكن لا خيار آخر سوى أن يلقى قصاصه العادل كقاتل.. عسى أن يكون ذلك مقدمة لمعاقبة من يجرؤ على الاقتصاص بنفسه.


رهادة عبدوش، (ضحايا "جرائم الشرف" تنتظر محاكمة عادلة)

خاص: نساء سورية

0
0
0
s2smodern