لماذا ألبستموني الزهر...؟؟

تعودنا الاحتفال دائما بقدوم أي جديد على حياتنا عام جديد، سيارة، بيت، صديق، حبيب،مولود جديد وغيرها... ودائما تختلف بهجة الاحتفال حسب مكانة الشخص أو الشيء المحتفى به.

على الصعيد الشخصي ففي بداية هذا العام احتفلنا مرتين بعام جديد ومولود جديد، فكما كبرنا سنة أخرى كبرت عائلتنا بإضافة فرد أخر إليها، ولعل العلاقة بينهما قوية فالعام الجديد يمثل مولود جديد يكبر يوم بيوم ونكبر نحن معه ولا نعرف ما سيكون عليه هذا "العام أو المولود"
هل هو جميل أم قبيح؟ سعيد أم حزين وما إلى ذلك......
ففرحة قدوم مولود جديد في العام الجديد لا تضاهيها فرحة لاسيما حين يكون المولود ذكر....!
كيفما اتجهت بنظرك تلمح بريق السعادة في الأعين وترتسم على الوجوه الابتسامات وتعلو الضحكات.
هي لحظة تقرر مصير البشرية ذكر أم أنثى، ففي حين جمعتهما الانسانية فرقتهما العادات والتقاليد والمعتقدات الغريبة التي لازلنا لسبب ما نتمسك بها دون ان نعرف لماذا؟
لماذا لا تستطيع الأنثى أن تحمل اسم العائلة؟
ما الشرف العظيم حين يحمل الذكر اسم عائلته؟ وأي شرف هذا حين يكون حامل الراية هذه لصاً او مجرماً أو عميل من نوع ما فما العمل؟ و كم يا ترى ستكون سعادة الجد بهذا الحفيد الذي يحمل اسمه!
سلسة التمييز تبدأ ولا تنتهي وقد تكون البداية مبكرة جداً منذ لحظة تكون هذه الجنين في أحشاء الأم، يوم تكفهر وجوه حين ينبأ الطبيب بأن جنس الجنين أنثى فيمعن الاب النظر الى شاشة جهاز الفحص في العيادة ليتراءى له مع الخطوط التي تشكل الجنين أشكال مختلفة تصور العار والخزية والخوف والهم وخيبة الامل ونظرات الشفقة من الآخرين والهموم التي ولدت وكبرت قبل هذا الجنين ويبقى الأمل موجوداً طوال الشهور المتبقية من الحمل أن يغير الإله رأيه ويتحول جنس الجنين إلى ذكر.
وللأسف لا يتوقف الأمر عند الأب بل هناك امهات تعتبر وجود الذكر تـأمين حياة لها وحصانة ضد الطلاق أو الزواج بأخرى، لأن الزوج بدوره يتخذ عدم وجود الذكر حجة ومبرر شرعي لتحقيق رغباته ونزواته.
ندعو للتطور، نحلم بالمساواة ولازلنا نحمل في داخلنا عقد، إن حاولنا جاهدين إخفاءها لكنها في لحظات معينة تخرج إلى العلن رغماً عنا.
نطالب برفع الظلم وأول ضحايانا هم أطفالنا دون أن نعلم، عانت الكثير من الامهات من معاملة والديها التي تختلف عن معاملة اخيها، ونجدها عن قصد أو دونه تأخذ دورها بإتقان وتمارس على ابنتها ما مورس عليها.
يوجد اشياء في الحياة يعتبرها البعض من البيديهات فيتصرفون على أساسها دون محاولة التفكير أو الاستفسار.
لماذا درجت العادة على أن يختص الولد باللون الأزرق والفتاة باللون الزهري، يقولون أن الفتاة تحب هذا اللون، كيف لا تفعل وهي فتحت عينيها على هذه الحياة لتجدها وردية، كل ما حولها صبغ بلون واحد من ثياب وألعاب حتى حائط الغرفة والسرير وكل الأدوات الخاصة بها.
و للولد او الذكر نفس المعاملة ولكن بلون السماء والبحر، والأهم هو اللون الذي يقي من الحسد ويرد العين. فيصبغون الطفل بالأزرق خوفاً عليه بينما تُعلق على كتف الفتاة خرزة صغيرة زرقاء أو لا شيء.
 ولا يقف الأمر عند الوالدين بل أيضاً من يود أن يقدم هدية يسأل عن جنس المولود كي يختار لون الهدية وقيمتها على أساس الجنس.
مع أن الفتاة هي الأجدر باتخاذ اجراءات الحيطة والحذر اكثر من الذكر فقد أظهرت دراسة قدمها فريق من الباحثين في معهد طب النفس بوسط لندن أن الإناث من سن الثانية إلى الرابعة من العمر أسرع تعلماً في النطق من الذكور.
و بينت دراسة أخرى أن الفتاة وعند بلوغ الثالثة من العمر تكون أكثر براعة من الذكر في فهم المشاعر، وفى سن السابعة تتكون لديها براعة قراءة القصص وفهمها.
وهكذا تبدأ سلسلة الفروقات قبل بداية الحياة وتستمر إلى ما بعدها، فكما هو معروف عند موت أحدهم تحدد مراسم العزاء وأجواءه الخاصة مدة ثلاثة أيام في حال كان المتوفى إمرأة وسبعة ايام في حال كونه رجل!
و للأسف لا يقف الأمر عند هذا الحد فقد حدثتني إحدى الصديقات عما يحدث في قريتهم وهي جزء من الريف السوري حيث تدفن النساء في مكان والرجال في مكان آخر، ليس هذا فقط بل إن مقبرة القرية خصصت للرجال فقط أما النساء فيدفنّ في أطراف القرية!!!!! كعنزة جرباء تعزل عن باقي القطيع وربما ترمى بعيداً عند موتها وقد يتم حرقها كي لا تنتشر العدوى.
هي حلقات مسلسل مكسيكي نعيشها كل يوم، تبدأ ولا تنتهي ليستمر التفريق من المهد إلى اللحد وربما يلحق بنا إلى العالم الآخر.


حنان عارف، زاوية "بوح"، ( لماذا ألبستموني الزهر...؟؟)

خاص: مرصد نساء سورية

شارك المقال مع أصدقاءك..
Top