علم نفس واجتماع

النوم وظيفة أساسية وحيوية يقوم بها الفرد ليقي نفسه من التعب و الأمراض، و هو صمام الأمان للحياة المتوازنة، فالنوم مهم في حياة أي كائن، بشري كان أم غير بشري، لكن طبيعة النوم و شكله تختلف بين الكائنات. 

والإنسان هو الكائن الأكثر غرابة، فلا ينام إلا محاطا بشروط فيزيائية و جسدية معينة و إذا أصاب نومه اضطراب ومشاكل أقلقته و أقلقت أسرته، يعتبر النوم بشكل مناسب قيمة هامة للطفل، ليس فقط من أجل قيام أجهزة الجسم المختلفة بعملها بشكل صحيح ولكن من أجل صحته النفسية أيضاً.
اضطرابات النوم البسيطة تعتبر شائعة جداً في مرحلة الطفولة خاصة في عمر السنتين وعند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث إلى خمس سنوات وهي ردود فعل طبيعية وتعبيرات عن عدم الشعور بالأمن المتضمن في عملية النمو فمعظم الآباء يجدون أنفسهم بحاجة للتعامل مع طفل يعاني من اضطراب في النوم بشكل أو بأخر. (حريقة- 2001- ص135)

أهمية النوم:
إن الإنسان في السنوات الأولى من حياته، يكون نموه الجسدي و العقلي سريعاً جداً، حيث يستهلك هذا النمو الكثير من الطاقة الحيوية في أثناء عملية هدم الأنسجة و إعادة بنائها، لذلك يحتاج الطفل إلى تعويض هذه الخسارة الناتجة عن المجهود.
يشكل النوم أهم العوامل لعملية التعويض المطلوبة، فمن خلال النوم يمنح الطفل راحة تكاد تكون تامة، حيث يقل النشاط إلى الحد الأدنى، و يبطؤ التنفس و الدورة الدموية، و ينخفض معدل الأيض، و بذلك تحفظ الطاقة اللازمة للنمو ويتم إصلاح ما يصيب الأنسجة من تلف. (حريقة-2001- ص 136- 137)

الساعة الحيوية:
كل إنسان لديه ما يعرف بالساعة الحيوية التي تنظم وقت النوم ووقت الشعور بالجوع والتغيرات في مستوى الهرمونات ودرجة الحرارة في الجسم، وضغط الدم وحجم البلازما وإفرازات الهرمونات والعمليات الحيوية، حيث أن هذه التغيرات تحدد حالات نومنا عند انخفاض معدل عملياتها، نستيقظ عند ارتفاع معدل تلك العمليات.
ففي الطفولة وقبل وصول مرحلة المراهقة تقود الساعة الحيوية الأطفال للنوم في الساعة 8-9مساء، ولكن مع دخول سن البلوغ ودخول مرحلة المراهقة تتغير هذه العملية عند البعض فلا يشعرون بالحاجة للنوم حتى الساعة الحادية عشر مساء أو بعد ذلك، حيث أن هرمون النوم (الميلاتونين) يفرز من الغدة الصنوبرية في المخ وهي مرتبطة بعصب النظر، يزداد إفراز هرمون النوم بالليل ومن هنا يتوجب على الأهل أن يعودوا أطفالهم على نوم الليل. (ملحم- 2007- ص136)

مراحل النوم ت خمسة هي:
*مرحلة لوميس: و هي فترة من النّعاس و النّوم الخفيف يتجه فيها التواتر ألفا إلى الاختفاء و الظهور ثم للانعدام تدريجياً، وعندها يشعر الشخص بنعاس شديد، ويتجه النّشاط الكهربائيّ اللا متزامن ليحل محله نشاط منتظم من موجات متوسطة البدء، و هو التواتر (بيتا).
*مرحلة النوم البطيء: تأتي بعدها بعدة ثوان أو دقائق و تحتفظ بموجات بطيئة، ولا تلبث أن تظهر رسوم تخطيطية على شكل مغازل من موجات (بيتا) و تكون ظاهرة عند الأقسام الجبهية من الرّأس و تختلف من فرد إلى آخر، و في هذه المرحلة تدور عينا الشخص ببطء في محجريهما، و قد تكون عيناه مفتوحتين لكنّه لا يبصر بهما، هذا مع أنّ ضجة خفيفة قد توقظه و قد يخيل إليه بعدها بأنه لم ينم قط مع أنه يكون قد أمضى عشر دقائق نائماً.
*المرحلة الانتقالية نحو النوم العميق: تظهر في هذه المرحلة موجات (دلتا)، و تستمر المغازل لكنها تكون أكثر تباعداً.
*مرحلة النوم العميق: تسيطر الموجات البطيئة (دلتا)، ولا يستيقظ المرء عندها بسهولة، وتظهر هذه المرحلة تخطيطياً بموجات واسعة بطيئة بتردّدها، فيتميز النّوم العميق بسمة تخطيطية أشد عرضاً و أكثر اتساعاً من الرّسم التخطيطي الضيق السريع لحالة اليقظة.
*مرحلة الحركة السريعة للعين: تتميز هذه المرحلة بعوده للحركات العينية السريعة و لكن تختلف عن تلك الحركات الموجودة بالنوم البطيء، فهذه الحركات العينية تحدث من اليسار إلى اليمين و من الأعلى إلى الأسفل و كثيراً ما تتخذ العينان اتجاهات لا متناظرة، و هذه الحركات المتقطعة تحدث في نفس الوقت في كلتي العينين لذا سميت بالحركة السريعة للعين. (سيمون- 1989- ص12-15)

مرحلة حدوث الأحلام:
لفترة طويلة كان الاعتقاد بأن الحلم لا يظهر إلا بمرحلة النوم الفارق (حركات العين السريعة) وكانت أبسط طريقة للتأكد من هذه النظرية هي إيقاظ النائم أثناء هذه المرحلة وجعله يقص أحلامه و لكن كان هناك تباين كبير بالإجابات بين الباحثين تتراوح من أن صفر % إلى 54% من الأحلام تظهر أثناء النوم البطيء، و هنا بدأ الخلاف بوضوح بين العلماء الذين يؤكدون على ظهور أحلام متماسكة تفصيلية في مرحلة النوم الفارق فقط وبين الأشخاص الذين يؤكدون وجود ذكريات للأحلام تظهر أثناء النوم البطيء.
وفي النتيجة بينت الأبحاث بأن الحلم له فرصة كبيرة بالظّهور أثناء النّوم الفارق ليتذكر الشخص حلماً واضحاً مفصّلاً، أما الصور غير المحددة و التي لا تتابع لها فإنها تظهر أثناء النوم البطيء. (سيمون- 1989- ص20)

مراحل النوم عند الأطفال:
يبين الخبراء اختلاف دورات النوم الخفيف والنوم العميق عند الأطفال مع الإشارة إلى أن مدة الدورة تتراوح بين الثلاث والأربع ساعات، تتخلل منتصفها ساعة أو ساعة ونصف من النوم العميق، بينما يكون النوم في خلال الوقت الباقي منها خفيفاً.
في الأشهر الأولى من العمر تكون مدة النوم العميق عند الطفل طويلة، بينما تقصر مدة النوم الخفيف، و عندما يبلغ الطفل شهرة الرابع تستقر تلك المدد على نمط محدد بحيث يغرق الطّفل في نوم عميق في منتصف الدورة يصعب معه إيقاظه. وعلى مدى ساعة واحدة على جانبي هذه المرحلة من النوم العميق، يتأرجح النوم بين الخفيف والأحلام، فيصدر بعض الحركات عن الطفل، ما يدل على ظهور النّشاط واختفائه.
و في كل جزء من أجزاء الدورة التي تستمر أربع ساعات، يصبح الطفل في حالة قريبة من اليقظة والوعي فيسهل إيقاظه، و في هذه الأوقات يفتح الطفل عينيه، أو يمص إصبعه، أو يفرك أذنيه، أو يتقلب في سريره و قد يبكي أو يصرخ. و يبدو أن القصد من هذا السلوك هو تفريغ الطاقة التي يكون الطفل قد اختزنها طوال اليوم، تمهيداً للانتقال إلى الدورة التالية من دورات النوم، و عندما يتمكن الطّفل من ترتيب المراحل القريبة من الصحو وزيادة مدتها عن أربع ساعات، يصبح النوم أكثر استقراراً، و يصل إلى ثماني ساعات و أحياناً يلامس اثنتي عشرة ساعة دفعة واحدة.
(حريقة، 2001، ص 26)

نظام النوم عند الطفل:
المرحلة الجنينية  يستسلم الجنين لنوم هادئ في أحشاء أمه في مرحلة ما بين الشهر السادس أو السابع بينما يظهر النوم العميق في الشهر السابع أو الثامن من الحمل.
الطفل الحديث الولادة  يحتاج إلى النوم بصورة شبه دائمة فيوقظ عند الرضاعة فقط .
الشهر الخامس  يستيقظ أكثر في النهار لتزيد ساعات نومه الليلي.
في السنة الأولى والثانية  تتراوح ساعات نوم الرضيع بين 12 و 18 ساعة في اليوم الواحد.
بين السنة الثانية والثالثة  يحتاج الطفل إلى 13-14 ساعة من النوم منها ساعتان في النهار.
بين السنة الرابعة والخامسة  يحتاج الطفل إلى 10-12 ساعة من النوم وتدوم قيلولة النهار نحو نصف ساعة.
بين السنة السادسة والعاشرة  يحتاج الطفل إلى 10-11 ساعة.

(حريقة- 2001- ص138- 142)

أحلام الأطفال:
الشهور الأولى يحلم الطفل في نومه فترتسم على وجهه ابتسامات حلوة تشير إلى أحلامه الهانئة.
بين الشهرين السادس والثامن تتسم الأحلام ببعض الإزعاجات حيث يستيقظ الرضيع من نومه مضطرباً وباكياً.
السنة الأولى تتميز ببداية تعرفه على العالم المليء بالمثيرات التي يشكل كل واحد منها صوراً ذهنية تغفو في خزان الذاكرة.
بين السنة الثالثة و الرابعة تشكل الحياة اليومية مصدراً يغذي الأحلام بالصورة التي تشرح نمط العلاقة بين الطفل وبين محيطه.
بين السنة الخامسة و السادسة تتنوع أحلامه لتشمل الحكايات التي يسمعها الطفل في نهاره ويستيقظ في اليوم التالي ليخبر عنها.
السنة السابعة أو الثامنة تصبح أحلام الطفل كتفكيره أكثر تنظيماً وتنقل إليه قصصاً معقدة وذات مغزى ومركزة على صور واقع الحياة المثير للقلق.
بين التاسعة والحادية عشرة يبدو على الأطفال التفكير الواقعي بشكل أوضح إذ يصبحون معنيين أكثر بأحلامهم التي تكون قد أصبحت متماسكة.

(حريقة- 2001- ص156- 158)

النّائم الجيد و النّائم السيئ:
إنّ الطّفل ذو النّوم الجيد لا يعني أنّه ينام أكثر من الطّفل ذو النّوم السيئ بل نوعية النّوم هي التي تختلف، و يبين هذا الجدول بعض المظاهر للتفرقة بين النّوعين و لكي نتعرف إلى أي نوع ينتمي طفلنا. 
النائم الجيد  النائم السيئ
 نظام دورات نومه منتظمة  نظام دورات نومه مشوشة
 نومه كاف واف  نومه سريع مقتصر
 يكون نومه بمجمله عميقاً  يكون نومه بمجمله خفيفاً
 يستيقظ مرة كل 15 يوم  يستيقظ ثلاث مرات في الأسبوع
 أقل عرضة لمؤثرات الوضع المحيط        أكثر عرضة لمؤثرات الوضع المحيط
 نبضه أثناء النوم 56 /نبضة بالدقيقة  نبضه أثناء النوم أكثر سرعة بحدود 60/نبضة بالدقيقة
 يستيقظ بشكل طبيعي صحي بنشاط و حيوية  ينتابه أرق الصباح في شروط تختلف عن شروط الاستيقاظ الطبيعي
 يستيقظ آخذا كفايته من النوم، مرتاحاً سعيداً  يستيقظ دون أن يكون قد أخذ كفايته من النوم، مضطرباً، مكتئباً
 مزاجه الانفعالي مستقر متوازن عند استيقاظه  مزاجه الانفعالي غير مستقر عند استيقاظه

(سيمون- 1989- ص74)

0
0
0
s2smodern