مرصد العنف والإعلام

"لقد فقد الكلام القديم عن الشباب معناه، ونعني به تلك الشعارات التي تحمل من الرطانة والإنشائية أكثر مما تحمل من الشفافية. قيل الكثير، وقد يستمر البعض في القول، عن أهمية الشباب، وعن أنهم هم المستقبل...وما إلى ذلك مما يحمل حسّ التعالي والوصاية، دون أن يتجه إلى الاعتراف الحقيقي بهم، والنية الجادة بالتشارك معهم، أو إفساح المجال لهم للتعبير الحر والمسؤول عن أنفسهم".

موقع فروغهكذا بدأ الموقع الجديد "فروغ" (أي الضفدع) تعريفه لنفسه، عاكسا حقيقة بسيطة تتجلى في وصاية الكبار المستمرة على الشباب، بل و"خيانتهم" في كل فرصة تتاح. وهي التجربة التي عاشها العديد من أصحاب/صاحبات هذه المبادرة، إذ سال حبر أقلامهن/م في الموقع الذي حمل اسم "شباب الأوان"، قبل أن يكتشف "كبار الأوان" أن الشباب يشكلون خطرا حقيقيا ليس بجدية عملهم/ن وحسب، بل أيضا بجدة وعمق أفكارهم/ن، وقدرتهن/م على معالجة كافة القضايا بما يتجاوز عقلية الكبار التي غالبا ما تغلبها القيود، ضمنا القيود الإيديولوجية المسبقة.

ويستمر التعريف في إظهار نفسه من خلال نقد الآخر. ما يعكس حجم المشكلة التي تترتب كل يوم بسبب وصاية الكبار، والحاجة الماسة إلى التحرر من سلطاتهم المعنوية والمادية. إلا أن ذلك لا يعفي الشباب أنفسهم/ن من أن يتجاوزوا ردود أفعالهم على ما تعرضوا/ن له، والانطلاق إلى وضع تعريف لمشروعهم/ن ينطلق من رؤياهن/م، وليس من الرد على الآخرين!

كاتي الحايك، إحدى مؤسسات/ين الموقع الجديد، توضح أن اختيار اسم "الضفدع"، فتقول في مقالة نشرتها على الموقع:
"حظي الضفدع عند الشعوب القديمة بشعبية كبيرة، حيث كان رمزاً للحياة والخصوبة والتجديد، واعتقدت بعض الجماعات البشرية أن الأرض أُخرجت من الماء، وأنها استقرت بعد ذلك على ظهر ضفدعة عملاقة، واعتقدت شعوب أخرى أن الضفدع يقوم بابتلاع المياه في وقت الجفاف، محتفظاً بإمكانية إحداث الطوفان عندما يريد، وهذا ماكان يحدث غالباً في فصل الربيع.
وكانت الربة المصرية القديمة "هيكات" –أي الضفدعة-  رمز الحياة والخصوبة، ومثلت هذه الربة على هيئة امرأة برأس ضفدعة، ورمزت أيضاً إلى قدرة تيسير اللحظات الأخيرة من الولادة، وإلى القيامة".

تبرير جميل، لكن "رب صدفة خير من ألف ميعاد". وربما صدفة أن الضفدع هو مواز لـ"النق" في ثقافة المنطقة الحديثة هو مبرر آخر قد لا يقل أهمية من الاستعارة التاريخية لمعناه. فقد تكون الحياة اليوم بحاجة إلى نقيق الضفدع أكثر من أي شيء آخر. النقيق الذي يستطيع أن يحول حياة "السجانين" الذين يسعون إلى قمع الشباب عبر أساطير الحكمة والوعي والتجربة... يحولها إلى جحيم.. فلربما يساهم هذا في أن يعي الكبار ذاتهم المتجلية بأن التجربة والخبرة لا قيمة لهما إطلاقا ما لم تدمجا في إبداع الشباب. فالإبداع هو من يصنع الحياة، والخبرة والحكمة لا تستطيعان أكثر من أن تساعدا الحياة التي صنعت للتو في أن تعرف أكثر.

"الضفدع"، أو "فروغ"، مشروع شبابي جديد يبدو أنه سيكون إضافة هامة وأساسية في الحياة الجديدة في المنطقة. فالكلمة ليست حبرا على ورق، بل هي فعل أساسي، وآثارها تمتد إلى أبعد بكثير من الورق أو صفحة الانترنت. فهي التي تشكل ذواتها وتساعدنا على أن نتغير نحو الأفضل، أو أن ننحدر نحو غياهب الماضي الأسود.

تحية من "مرصد نساء سورية" إلى الشباب والشابات في المشروع الجديد، ويسرنا أن نضع كل معرفتنا وخبراتنا تحت أياديهم/ن فيما إذا رغبن/وا بذلك..


نساء سورية، ("الضفدع" يستعد لينقّ باسم الشباب)

خاص: مرصد نساء سورية

0
0
0
s2smodern